«فرانس برس»: تجميد المساعدات الأمريكية يهدد الدول الفقيرة بتبعات خطيرة

«فرانس برس»: تجميد المساعدات الأمريكية يهدد الدول الفقيرة بتبعات خطيرة
نازحون في مخيمات إفريقية - أرشيف

سبب قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بتجميد المساعدات الأمريكية، صدمة واسعة بسبب تبعاته المدمرة على ملايين الأشخاص حول العالم، حيث شمل القرار تعليق جميع برامج المساعدات الأجنبية لمدة ثلاثة أشهر، باستثناء المساعدات الغذائية الطارئة والمساعدات العسكرية المقدمة لإسرائيل ومصر.

ووفقا لتقرير نشرته "فرانس برس"، اليوم الأحد، أثار القرار مخاوف كبيرة في الدول الأكثر فقرًا، بعد أن قررت الإدارة الأمريكية مراجعة نظام المساعدات الدولية بالكامل لضمان توافقه مع سياسة "أمريكا أولًا".

وأكد مراقبون أنه حتى في حال استئناف المساعدات بعد المهلة المحددة، فإن انقطاعها المؤقت سيؤدي إلى تبعات بعيدة الأمد، وقد يقوض بشكل دائم مصداقية الولايات المتحدة، خاصة مع تنامي النفوذ الصيني في الدول النامية.

تداعيات صحية وتعليمية

حذر العاملون في المجال الإنساني من عواقب كارثية لانقطاع المساعدات، حيث قال بيتر وايسوا، عضو شبكة "كومباشن كونيكتورز" للمساعدة الإنسانية في أوغندا، إن توقف التمويل قد يؤدي إلى خسائر فادحة.

وأوضح أن انقطاع الأدوية لمرضى الإيدز حتى لأيام قليلة قد يكون قاتلًا، فيما اضطرت بعض المدارس الممولة من برنامج التعليم الأمريكي إلى إبلاغ التلاميذ بعدم الحضور إلى الصفوف.

وواجه جنوب السودان تحديات إضافية، حيث أدى انتشار وباء الكوليرا والفيضانات إلى تشريد ثلاثة آلاف شخص، مما زاد من الاعتماد على المساعدات الأمريكية. 

وأعرب جيمس أكون أكوت، المدرس في دار للأيتام في أوايل، عن مخاوفه من تفاقم الأزمة الإنسانية، مشيرًا إلى أن تأخر إعادة التمويل قد يؤدي إلى وفيات ناجمة عن الجوع والأمراض.

تاريخ طويل من المساعدات

قدمت الولايات المتحدة على مدار عقود مساعدات إنمائية هائلة، حيث بلغ حجم المساعدات 64 مليار دولار في عام 2023، ومن أبرز برامجها "بيبفار"، الذي أطلقه الرئيس جورج دبليو بوش لمكافحة الإيدز، ويستفيد منه أكثر من 20 مليون شخص حول العالم.

ورغم أن البرنامج نجا من التجميد بفضل استثناءات منحها وزير الخارجية ماركو روبيو، شملت "المساعدة الغذائية الطارئة" والمساعدات "المنقذة للحياة"، فإن الصياغة غير الواضحة للقرار أثارت قلقًا كبيرًا بين الجهات الإنسانية.

وأوضحت سوزي دزيمبيري، ممرضة في مالاوي، أن العديد من السكان بدؤوا في تخزين الأدوية المتاحة، فيما أغلقت بعض المنظمات الصحية المحلية أبوابها.

التبعات السياسية والاقتصادية

أكدت مصادر في الكونغرس الأمريكي أن وقف المساعدات حتى لفترة قصيرة قد يؤدي إلى خسائر فادحة، حيث يهدد التجميد نحو مليون جرعة من أدوية الإيدز. 

وأشارت مساعدة برلمانية، طلبت عدم الكشف عن اسمها، إلى أن بعض المخازن المليئة بالأدوية جاهزة للتوزيع، لكن تعليمات صدرت بعدم الإفراج عنها بانتظار توجيهات جديدة من واشنطن.

واعتبر مسؤول في إحدى المنظمات الإنسانية الأمريكية أن المساعدات الإنسانية باتت "رهينة للسياسة"، محذرًا من أن قطع التمويل عن المنظمات المحلية التي لا تمتلك احتياطات مالية كافية سيؤدي إلى انهيارها، وهو ما يتناقض مع الأهداف المعلنة للإدارة الأمريكية بدعم هذه الكيانات.

جدل حول المصلحة الوطنية

أكد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو عند توقيعه على آخر الإعفاءات أن الإدارة لا ترغب في رؤية وفيات بسبب انقطاع المساعدات، لكنه شدد على ضرورة مراجعة كل الإنفاقات لضمان توافقها مع المصلحة الوطنية. 

وأثار هذا التصريح مخاوف من أن تكون الأولوية للمساعدات الطارئة مجرد مقدمة لإجراء تخفيضات أوسع.

وأضاف موظف كبير في إحدى المنظمات الإنسانية أن تعريف "المساعدة الطارئة" بحد ذاته ينطوي على تناقض، مشيرًا إلى أن أي تأخير في توزيع المساعدات قد يكون قاتلًا، خصوصًا في الدول التي تعتمد بشكل كامل على المساعدات الخارجية.

وختم بالقول: "ما يحدث يشبه إحراق أساسات المنزل بينما نعلن أننا بصدد ترميمه"، في إشارة إلى المخاطر التي تواجهها المجتمعات الأكثر ضعفًا نتيجة هذا القرار.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية